الأحد، 8 يناير 2012

الحاجة جميلة وذاكرة الرحيل




عامان بالتمام والكمال وذاكرة الرحيل ترقب الشوق الساهد في الجفون ... وتتأمل طويلاً في مدامع العيون وهي ترنو صوب حيفا ويافا في محاولة دائبة لا تنتهي لقراءة جديدة لرواية اللاجئ الفلسطيني والتي لا زالت تُكتب فصولها هنا على هذه الأرض بتلقائية تتجدد مع شروق شمس كل يوم متسربلة بألوان الأرض بشومرها وزعترها ...
هنا على أرضنا نكتب القصيد .... نعلم أطفالنا سيرة العشق وكيف يموتون واقفين كالأشجار .... وكيف يرسمون لوحة الغد الآتي ببنادقهم .... وكيف يغنون لحيفا وبئر السبع والمجدل ، ها هو العام يستدير وقبله عام ويستوي القمر بدراً في ليالي قريتنا وهي تتكئ على كتف الجبل تخاطب الزمن منذ أقدم العصور – قريتنا التي لا زالت تتذكر رحيل الحاجة جميلة (أم غازي سوالمة) قبل عامان .... ولا زالت تختزن ذاكرتها المتأهبة كل معاني الهيبة والتحفز التي تفردت بها الراحلة طيب الله ثراها ....
كم يعز علينا هنا في الأرياف والنجوع المتاخمة لفردوسنا المفقود أن نفتقد صهيل الجبل ومعزوفة الوطن وترانيم الوداد ونحن نعبر محطات الذكرى الجميلة والتي عبرها الجيل الأول من اللاجئين تتقدمهم جميلة السنديانة من حيفا فلسطين وهم يهيمون على وجوههم في المنافي والقفار وقد شردهم اليهود في تيه النكبة والاغتراب .
ان مجرد غياب الرواية الشفوية للنكبة الفلسطينية والتي كانت الحاجة جميلة أحد مصادرها في القرية والضواحي مع أمثالها من اللاجئين الأعلام ليشكل خسارة وطنية لا يمكن تعويضها عن طريق النقل والتوثيق والسرد القصصي ...
لا زال الناس في القرية يتذكرون الحاجة جميلة ويروون المشاهد بألوان الجداول والخمائل الديروية ويعزفون ألحان الشوق بلغة الأرض ومزامير الشهداء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق