الأحد، 5 يوليو 2009

المرأة الكرمية واقع وآمال / هموم وأمنيات

المرأة الكرمية واقع وآمال / هموم وأمنيات
تشكل المرأة في طولكرم والضواحي شريحة حقيقية لعالم المرأة الفلسطينية في الأراضي المحتلة ، فنجد المرأة اللاجئة وغير اللاجئة والمرأة المتزوجة في الضفة الغربية وهي من داخل الخط الأخضر والمرأة القادمة من شرق الأردن والدول العربية أو الأوروبية .
أوضاع المرأة هنا تتماثل إلى حد بعيد مع أوضاع المرأة في نابلس وأريحا والخليل .....
إلا أن خصوصية المكان والثقافة المجتمعية والقيم المستقرة تؤدي إلى التباين في واقع الحال .
يغلب على المرأة الريفية الطابع الريفي الأصيل حيث أن أغلب سكان طولكرم منحدرون من الأرياف بالإضافة إلى انسحاب الطابع الريفي والقروي على الجزء المتبقي من السكان فيصعب التفريق بين سكان المدينة وسكان الأرياف في نمط الحياة والعادات والقيم السلوكية وطابع الشخصية العام .
التعليم في منطقة طولكرم بين الماضي والحاضر:
يهتم الناس بتعليم أبنائهم هنا في الشمال ويعتبرون ذلك من الضروريات التي لابد منها، فالمرأة تتعلم منذ القدم وتنافس الرجل في هذا المجال وتتفوق عليه ويطلق على طولكرم محافظة النجاح نظراً لنسبة المتفوقين فيها وأغلبهم من الطالبات.
أمهاتنا لم يدخلن المدارس ولم يتعلمن بينما دخلت بناتهن المدارس والمعاهد والجامعات من أوسع الأبواب ، فثقافة المرأة بمنطقة طولكرم تضاهي ثقافة المرأة في أرقى المجتمعات ، فالمرأة الكرمية تعمل معلمة ومهندسة وطبيبة ومشرفة اجتماعية وفي مؤسسات أخرى في مختلف مناطق الضفة الغربية بلا استثناء وبُعد المنطقة لم يحل بينها وبين طموحها في العمل وتحقيق الذات واثبات دورها في المجتمع الانساني في الاراضي المحتلة .
الا أن المرأة عندنا وفي مناطق الضفة الغربية وغزة تعاني من عدم الحصول على العمل الوظيفي بعد التخرج وهذا لم يفقدها اثبات الذات وتحقيق الاستقلال الانساني الفطري الذي تصبو اليه النساء في كل مكان ، وانني أقترح أن يتم انشاء دوائر مرموقة واسعة الصلاحيات للبحث الآن وليس غداً في مسألة تشغيل المرأة في المجال الوظيفي – المعلمات الطبيبات المهندسات وحتى المهنيات – وذلك دعماً لشخصية المرأة وصولاً لتحقيق الكرامة والاستقلال والتوازن النفسي .
المرأة ومسألة الزواج :
انه وبسبب الوضع الاقتصادي المتردي للانسان الفلسطيني عموماً برزت مؤخراً ظاهرة البحث عن زوجة تعمل أو خريجة مرشحة للعمل ومن هنا صار البعض يبحث عن مشروع اقتصادي عن طريق الزواج وهذه مسألة شكلت خطورة بالغة على الوضع الاجتماعي والانساني العاطفي والعائلي للمرأة الفلسطينية هنا فصار لسان حال الخاطب أو طالب الزواج كقول الشاعر :
سلام عليها ما أحبت سلامنا
فأن كرهته فالسلام على الآخر
ساعد في ذلك الإعداد الهائلة للموظفات الغير متزوجات وكذلك أعداد الدارسات والخريجات ، فصرت ترى العامل أو السائق أو المزارع والبليط وكل هؤلاء من غير المتعلمين وربما يقرأ ويكتب بالكاد وهناك أميون يتقدم الواحد من هؤلاء لطلب الوصال من المرأة المتعلمة أو الموظفة كي يضرب مجموعة عصافير بحجر واحد
زوجة + راتب + وضع اجتماعي كونه يتزوج من متعلمة إلى غير ذلك .
ويوجد الآن المئات من المعلمات متزوجات من عمال وحرفيين وعاطلين عن العمل وغيرهم ، وربما تنجح زيجات كثيرة من هذا النوع ولكن الأمر لا يخلو من محاذير فيتم الذهاب الى الطلاق كمخرج وحيد في نهاية المطاف ؟!
المرأة الفلسطينية بحكم الثقافة الموروثة تخاف من العنوسة إذا ما فاتها قطار الزواج في سن معينة وهذا يدفعها للتنازل والقبول بكل من يتقدم.
فقبل أيام تزوجت معلمة تبلغ من العمر 45سنة بشاب في العشرين من عمره وهذا مجرد مثل يتكرر لحظياً نظراً لتعقيد الواقع الفلسطيني .
المرأة الكرمية وقضية الطلاق :
يبدو أننا نعيش في عصر ارتفاع نسبة الطلاق وخصوصاً في فترة الخطوبة قبل الزواج ، سألت موظف القلم في محكمة شرعية قبل أيام عن الوضع لديهم فأجاب وكانت الساعة 11:30 ظهراً :- لغاية الآن سجلنا خمساً وأربعين حالة طلاق اذاً ربما سجل مائة عند نهاية الدوام .
المحاكم الشرعية تسجل حالات طلاق اكثر مما تسجل عقود زواج وكذلك ترتفع نسبة الطلاق بين المتزوجين من الشباب وبشكل ملحوظ وهذا يندرج في باقي المحافظات بل ربما في أقطار غير فلسطين؟!
هذه قضية تستدعي التوقف والنظر وأن نعود فنؤصل من جديد نظرتنا للحياة وخصوصاً مسألة الزواج من خلال فهمنا الواعي لقول نبي الإسلام : ( اذا ما أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه فإن لم تفعلوا يكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) .
المشكلة اننا نعيش في اجواء الفتنة الاجتماعية والأسرية بسبب تسارع نسبة الطلاق وبشكل يهدد النسيج الاجتماعي للأسرة الفلسطينية ويلقي بظلاله بقوة على نفسية المرأة الفلسطينية أم المستقبل وصانعة الأجيال .
علينا أن نتأكد من سلامة الاختيار ولا نذهب إلى الزواج لمجرد البحث عن حل مشكلة ما فالزواج حياة وسكن وطمأنينة وإنشاء حياة وإنجاب أطفال وتربيتهم بأمان وتعامل متزن مع المجتمع الانساني .
آمال المرأة الكرمية :
المرأة الكرمية ترنو الى المستقبل الواعد وتجدد حلمها الجميل مع اشراقة كل صباح وتنتظر طلوع الفجر في امسيات الصيف الجميل وتحدق في نجوم الليل بانتظار تحقيق الأمنيات والزحف الهادئ الى الزمن الجميل نستطيع أن تطالع المرأة القروية وهي تتهادى في حقول اللوز والزيتون وترّجع الحان بلادي في الأرياف والنجوع وهي تغذّ السير واثقة الخطوة في الحقول وفي البساتين تتنسم من شذا الأرض بأقحوانها وشومرها وزعترها .
أمهاتنا صانعات المجد وحارسات الحلم الفلسطيني القادم وبناتنا فارسات المستقبل الواعد والأمل القادم رغم حلكة الليل وسواد السنين .

سليم عبد الرحمن الزغل
دير الغصون / باحث وأكاديمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق